بعيداً عن المنقول من النصوص، لماذا يفرح الناس بالعيد؟؟ أليس شهر رمضان شهر الخير و الرحمة و البركة؟ فلماذا يفرحون برحيله؟ برحيل الذي كان ينتظرونه ليل نهار "اللهم بلغنا رمضان"؟ أم يفرحون لأنهم وأخيراً سيشربون الشاي مع الـ8 صباحاً في اطمئنان؟
عن نفسي، وجدتني أستيقظ صباحاً و لأول مرة ذات يوم في العشر الأواخر من رمضان و الحنين إلى تلك الأيام يحضرني.. حينما كنت أستيقظ وأرتشف كأي شاي بالنعناع و بعدها أستنشق الحياة ومعها رائحة الطعام في الأزقة هاربة من نوافذ المنازل، ثم يأتي الظهر حيث ينتظر الكل الغذاء الذي لا يكون بتلك الدرجة من اللذة عادة لكن المهم هو الأكل بعده كأس بارد من عصير، ماء أو ماعرف شنو... اللهم إني صائم.
ندمت على استقاظي المبكر إذ اعتقدت أن اليوم سيمر في سعادة ونشوة ونفحات إيمانية.. لا شيء :(
العطش و الحرارة المفرطة، و الترمضينة و لا منفذ لهواء منعش أو جردة مخضرة.. أنذاك فهمت لماذا كنت أنام نهاراً و أستيقظ ليلاً : ذاتي لمّا فوجئت بنظام الصيام الجديد، كان ردها الطبيعي هو التكيف من خلال النوم في أوقات الإمساك و الإستيقاظ مساءاً لقرب موعد الإشباع. لعبة : نعس فالنهار فيق فالليل.. اللهم عجل بعيد الفطر، اللهم اجعل كل أيامنا عيد الكبير.
لكن بفضل الله لم أيأس و استمريت ولأول مرة منذ بلوغي في الإستيقاظ باكراً لمدة أسبوع صيفاً و في شهر رمضان دون كلل و لا ملل.
لا يقاس إيماني بهذا الإحساس فالأمر أكثر من مجرد تعابير منسقة. طبيعي أن يشعر الناس بالشهوة للأكل و الشرب إذ رمضان في صيغته المبسطة يعني الإمساك عن شهوتي البطن و الفرج، شهوة الفرج التي لا تلقى لها منفذ حالياً غير أن البطن موجود لقاحه. تعني هذه الفكرة أن بني آدم لا يؤاخد على ما يشتهيه من طيب بل تلك فطرة الله في خلقه غير أنه من الواجب في هذا الشهر من باب التأديب أن يتم الإمساك عنهما لأجل معلوم.
طرحت السؤال أعلاه في صفحتي الشخصية على الفيسبوك فأتتني بعض الإجابات من عصافير استيقظت باكراً هي الأخرى أذكر منها :
لا نفرح بالعيد لأننا سنتخلص من رمضان، بل نفرح به لأنه يوم اعتدنا على أن يكون يوم فرح، يوم التقاء الأحباب، يوم الإجتماع بمن حكمت علينا ظروف الحياة بالإبتعاد عنهم...
نفرح بالعيد سواء كان عيد فطر أو غيره لأنه ببساطة يوم عيد :)
بالإضافة إلى
كما جرت العادة فلكل بداية نهاية و الشهر الفضيل هو مجرد فرصة و موسم لتجديد الإيمان و تزكية النفس وكذا شاء الله أن يكون شهرا لا أكثر و لا أقل فكما قال تعالى:"أياما معدودات" و بهذا كانت الفرحة أمر طبيعي جدا للذين أحسنوا خلال الشهر الكريم و استغلوا جل ساعاته في العبادة من أجل السمو بالنفس
ففرحتهم نابعة من توفيق الله لهم للصيام و القيام و نابعة أيضا من أمَلهم في تقبل الله لطاعاتهم ناهيك عن طمعهم في دخول الجنة و العتق من النار..
و إني سأضرب مثلا بسيطا بهذا الصدد
أيهما أفضل طلب العلم أم الراحة و الدعة أو إن شئت قلت الكسل و الخمول؟
لا شك أن طلب العلم أفضل لما في ذلك من تنوير للعقل و إدراك للحياة و فهم لها رغم صعوبته و مشقته و كذلك الصيام.
ثم بعد كل هذا تجدنا فرحين يوم إنتهاء العام الدراسي ..فلماذا الفرح ؟
ببساطة نفرح بالنجاح و بما أبْلينا في عامنا
و كذلك العيد يفرح المومنون فيه بتوفيق الله لهم
حسب تقديري وملاحظتي للناس على الفيسبوك وجدت أنهم ينقسمون لـ3 أقسام :
- من يفرح لقدوم رمضان و العيد بالمثل ويزيد ذلك حسب قوة إيمانهم.
- من يدخل رمضان كمن عاقبه الأستاذ في القسم، فينتظر وقت الفسحة/العيد ليخرج فرحاً بانقضاء مدة العقاب.
- من لا يهتم، سواء كان عيد أو رمضان أو غيرهما من الأوقات و الشعائر.. المهم هو تطبيق فلسلفة الـHedonism في حياته.
أريد من هذه الأفكار بعد تجميعها أن أصل لتعريف عفوي عن السعادة.. ليست السعادة التي قرأنا عنها في الكتب و شاهدناها في التلفاز باستثناء الدينية منها. أريد أن أصل لأحاسيس و أفكار توضح تلك التجربة الفردية الإنسانية التي يحس بها الإنسان و ينسى كل شيء من حوله، تلك اللحظة.. أعتقد أني سأخصص لها تدوينة مستقبلاً إن شاء الله حينما تتاح الفرصة أو يعود الحنين :)
عيد مبارك سعيد، حيوي، نشيط و ممتع لكل الناس :)