مامساليش وما عندي ما يدّار |
يصادف اليوم العالمي للكسل والخمول، يوم 25 مارس، الذي يصادف بدوره يوم الأحد، اليوم الأسبوعي للكسل في العالم بأجمعه. قد نختلف على تعريف دقيق للمحتفى به، بين الكسل، والخمول، والتعريف القريب من الكلمة الإنجليزية « Procrastination » أو التسويف، تأجيل عمل اليوم إلى الغد، أو كما يقال بأنه فن البقاء في الأمس، وتجنب الإنتقال لليوم.
لا يختلف اثنان ممن يعرفني، عن شديد كسلي. فمن الطراموي الذي أتعب فيه رغم قلة المجهود العضلي الذي يقع في المقصورة، إلا أن التكييف الداخلي وكثرة الحركة الخارجية، خصوصًا إن لم أحس بالاهتزازات التقليدية كالتي في السيارة والحافلة، تصيبني بدوخة بسيطة تُبعد عن وجهي الطراموي بعد أول أسبوع من الركوب.
حسنًا، لستُ بكسول لتلك الدرجة التي تتصورونها، كسنورلاكسٍ أو غارفيلدٍ، والدليل برحلتي بدراجتي الهوائية لمخيّم مُونيِي. معدنُ القصة، أن الكسل يندثر حينما أفعل شيئا يستهويني، عكس مجبر عليه.
في هذا الأحد الكسول، ترجع بعض أسباب كسلي إلى ما يذكره الجاحظ في كتابه « البخلاء »، في قصة تمام بن جعفر:
"إياك أن تأكل قليلاً ولا كثيرًا، فإن أكل القليل على غير شهوة أضر من الكثير مع الشهوة."
وقال ابن المعافى، في هذا الأمر:
وإن التواني [التواني: الكسل] أنكَحَ العجزَ بنتَه وساقَ إليها حين زوجها مهرا
فِراشًا وطيئًا، ثم قال لها: اتكي فقَصرُكما لا بدّ أن تلدا الفقرا
ولمحمود درويش كلام عن طبائع الناس في هذا اليوم، بين ثنايا "يوم الأحد":
في البيت أجلس، لا حزيناً لا سعيداً
لا أنا، أو لا أحدْ
صحفٌ مبعثرةٌ. ووردُ المزهريةِ لا يذكرني
بمن قطفته لي. فاليوم عطلتنا عن الذكرى،
وعطلةُ كل شيء... إنه يوم الأحدْ
يوم نرتب فيه مطبخنا وغرفةَ نومنا،
كل على حدةٍ. ونسمع نشرةَ الأخبار
هادئةً، فلا حربٌ تشنُّ على بلدْ
الإمبراطورُ السعيدُ يداعبُ اليومَ الكلابَ،
ويشرب الشمبانيا في ملتقى نهدين من
عاجٍ... ويسبح في الزبدْ
الإمبراطورُ الوحيدُ اليوم في قيلولةٍ،
مثلي ومثلك، لا يفكر بالقيامة .. فهي
مُلك يمينهِ، هي الحقيقةُ والأبدْ!
كسلٌ خفيفُ الوزن يطهو قهوتي
والهالُ يصهلُ في الهواءِ وفي الجسدْ
وكأنني وحدي. أنا هو أو أنا الثاني
رآني واطمأنَّ على نهاري وابتعدْ
يوم الأحدْ
هو أولُ الأيام في التوراة، لكنَّ
الزمان يغيّر العاداتِ: إذ يرتاح
ربُّ الحرب في يوم الأحدْ
في البيت أجلس، لا سعيداً لا حزيناً
بين بين. ولا أبالي إن علمتُ بأنني
حقاً أنا ... أو لا أحدْ!
من الكسل ما قتل، إذ اشتريت 6 كتاكيت لكي أربيها في إطار ملء وقت الفراغ بشيء مفيد. جعلتُ الفلالس (الكتاكيت) ينتشرون في سطح المنزل زوال يوم مشؤوم جوُّه شوم. بعد برهة، وإذ عددهم ينزل لخمسة كتاكيت، والسادس تحت رحمة الباشق (نوع من الصقور، يدعى "بو عميرة" في المغرب)، وهم يُقَفقِفُون من هَول الجائحة والمصاب الجلل، وأنا من المرزئة، بسبب انغماسي في الكسل والإنترنت، دون مراقبتهم (كولي أمرهم المسؤول عليهم) وهم فراخ.
وأنا في طريقي لملتقى المدونين المغاربة، يوم الأحد.. |
فمن الكسل التدويني، إلى الكسل "الاجتماعي"، مارًا بالكسل الجسدي، ومسطرًا بالأحمر على الكسل الفكري، يمر يوم الأحد بهدوء ولا مبالاة، فاتحًا بابًا آخر للـ"الاثنين" ورجوع للروتين بعد برهة، في انتظار يوم الأحد.