الاثنين، 18 أبريل 2011

المواطن النموذجي

أثناء تصفحي في الأنترنت، راقتني قصة ساخرة كتبها الأستاذ فيصل العامر إذ تعكس واقع الكثير من المجتمعات العربية و هي تحكي عن مواطن يعيش في وطنه كأغلب أقرانه. أحببت أن أسقطها على واقعنا ببعض التعديلات الطفيفة فكانت النتيجة :


صديقي " علاّل " يعد أكثر الكائنات الحية بوطني صمتاً.. يستيقظ صباحاً ثم يغسل وجهه بالماء في غرفة مظلمة باردة تملئها الشقوق. فطوره إن وجد، فأقصاه خبز و زيت مع أتاي مْسُّوس. يلتف عليه أولاده طالبين : بابا، بابا. آ بابا، را كانهضروا معاك.. فيجيب و التبويقة الصباحية ظاهرة على محياه : الصباحاتُ لله، آش بغيتوا عوتاني ؟ يرد صغيرهم : بابا عطيني درهم نشري بيمو.. يحاول جعلهم يصدقون أنه يبحث في محفظته فيهمس : تالغذّا! ما لقيتش الصرف دابا.

يرمقه حارس السيارات بنظرات تعجب، إذ أنه يحوم حول سيارته في كل صباح عله يكتشف خدشاً ليلطفه. يستقل سيارته المقسطة بعدما خاف أن " يُهلَك " هو قبل أن يشتريها دفعة واحدة، يشغل الراديو متجولاً بين الإذاعات المحلية تارة الأخبار الصباحية و تارة المعلومات الصحية، لا يبتسم رغم قهقهات المذيعة الدائمة وكأن الوضع "نكتة طويلة " ملخصها : جنازة كبيرة و الميت فأر .

لم يتأفف " علاّل " وهو يصعد فجأة تلك الجبال الصغيرة والتي يطلق عليها المقاولون مجازاً " مطبات - ضوضان Dos d'âne " ، ولم يعتد السؤال : علاش.. !

و هو يطأ حفر شارعه الممتلئ بالتجاعيد والتي لا يبدو أن جراحي تجميل بلدياتنا مجتمعة قادرة على شدّها و تقويمها. صَبْرُ علاّل الجميل يتجلى عند أول إشارة مرور ضوئية تصادفه، فرغم انتظامه بصف طويل يقف بمقدمته إلا أنه لا يلتفت لتلك الدراجات النارية و حاملات البضائع التي تتخطاه لتقف أمامه مسببة له تأخره عن شغله كموظف في وظيفة عمومية التي يستقبله فيها مدير قسمه العصبي صارخاً بوجهه : مالك جيتي معطّل آ هاذاك العيّان ..!

يحاول أن يفتش عن عذرٍ ينقذه قبل أن يقاطعه : مشات ليك الخلصة ديال 3 أيام.. ! لم يعترض أو يستخدم كلماته الثلاث التي عادة ما يطلقها كأقصى مايمكنه فعله بعد أن يهز رأسه : الله يعفو علينا.. الله يرزقنا الصبر.. إيوا شبغيتي تدير.. !

لم يهنأ " علاّل " منذ عام " الماطيشة " وهو العام الذي قفزت فيه الطماطم لأسعارٍ خرافية، لم يهنأ براتبه الذي يطير  ثلثه على فاتورة الماء و الكهرباء و الهاتف الثابت و الباقي شهرياً على شقته رغم أن أسعار العقار بدأت بالنزول إلا أن مالك الشقة يرفض ذلك بحجة سخيفة جداً - مع أن علاّل لايراها كذلك - وهي : داري وانا حر فيها ..!

يسمع بين الفينة و الأخرى عن أناس يخرجون للشوارع مطالبين بالحرية، تلك الحرية التي تجعل علاّل لا يبدي رأيه مذلولا و لو بينه و بين نفسه إذ تشبع عقله الباطن بـ " العام زين "..

أخبرته لاحقاً أني سأكتب عنه، لم يبدو متحمساً و هو يقول : مزيان ..!
لحد كتابة الحكاية أعلاه لايزال صديقنا صامتاً ..

علاّل ليس فريداً ؛ بل هو :  نموذج مواطن متكرر..

3 تعليقات:

Sukeey يقول...

وصف "لاصق" مع كل أسف...

cherair abdelhafid يقول...

كيفنا كيفكم ، نفس الأمر عندنا عندكم ، سبحان الله ،يخلق من الشبه اربعين

وجع البنفسج يقول...

اسعدني مروري لاول مرة بالمدونة .. القصة جميلة بس المشكلة في كثير كلمات لم افهمها لانها باللهجة المغربية .. وهي صعبة علينا كفلسطينيين .. لكن يشرفني مروري وتعليقي ..
دمت بكل خير .

إرسال تعليق

نسيم الفجر ☁☁☁

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة