رُفعت الراية مرفرفة في السماء عاليةً. حشد غفير من البشر اجتمع مهللا بنسيم فجر الحرية مكبراً. تكسر حاجز الخوف و الذل، ارتعد عرش الطغيان و الجبروت. أخيراً، نعم أخيراً فكر العصفور في التغريد.. يا حياة، ها أنا قادم، ها أنا أعيش!
هُدم حائط الرعب الصامت، قيل أن هندسته أُخِدت من تصميم سد ذو القرنين الأصلي، من زبر الحديد و القِطر كُتِب في أعلاه.. "سحقاً، اصمتوا! أنا سيدكم فاركعوا!"
خرج الشيخ من كوخه الخشبي حيث كان يحتمي من رياح الربيع و أمطار الشتاء، خشبة بنية اللون كان يتكؤُ عليها اعوَجّت من فرط هول انكسار البشر أمام الخزي. لمح الشيخ نسراً مراهقاً يستعد للطيران فدمعت عيناه. نعم، دموع أسى.. فيداه مكبلاتان بالأغلال و كلامه مراقب، غرس فيه التمجيد.. تمجيد من قد يقول قائل؟ تمجيد الظالم البائس، أرغم الأطفال عض حلمات أمهاتهم طمعاً في استقرار و أمان.. أي أمان ؟ آه، نعم.. أمان الحظيرة حيث تُغلق البوابة أثناء شروق الشمس. كانوا أبناء آدم، جدهم الأكبر. كان حراً طليقاً.. خزي و عار، سُلبت كرامة أحفاده، بل و أفضع : سلبت حريتهم!
في ذات يوم، قرر الظالم البائس إخراج عبيده جبراً من الحظيرة، "يا الله" سمعت من أنين امرأة عجوز. "ما هذا النور المشع؟" أضاف طفل في العاشرة من عمره. "إنها الشمس يا بني.. حكى لي جدي عن أجداده عن جدهم الأكبر أنه كان يستيقظ فجراً قبل طلوعها فيسبح حمداً لله بحريته، ثم يمشي بين الوديان و السهول باحثاً عن سكينة و انشراح صدر، إنه نسيم الفجر. آه، نسيم الفجر.. ذلك النسيم المقدس، طالما حلمت به. يوقظ أريجه الحياة في قلبك فتغدو بحب الحرية مهللاً. ذات يوم يا بني، ذات يوم.". كلام الشيخ وجد أذناً صاغية، ذاب الطفل لحنين العبارات. نعم، حدد هدفه في الحياة. نعم، لقهر الظلام مُجنّداً، نور الشمس مشعاً في أرجاء الحظيرة مَطلباً. بل نزع باب الحظيرة هدفاً، للسماء مقصده بالنسر المراهق آنساً.
"كفى كلاماً و أملاً" بصوت مرتفع ردد اليائس بائعاً روحه للظالم البائس. ذلك اليائس، تجذر الذل في تفكيره فنصب رئيساً على العبيد. فالظالم البائس علم بأمره و يأسه المزمن فارتاح لخموله و أحبه لعجزه. أجداده من العبيد بنو الأهرامات رغماً عنهم.. فعلاً، العبودية تجعل القصور تبنى و البروج تعلى و النفوس تزدرى.
يُتبع..
1 تعليقات:
قيل قديما : و للحرية الحمراء باب ......
و حال يومنا يقول لا للعبودية بعد الآن ، الدم و لا الذل ....
...... و يستمر ربيع ثوراتنا العربية
إرسال تعليق