لليل طاقة شاعرية، رومانسية، إنسانية وتأملية عجيبة. يعقب حركة النهار الملل، بينما سكون الليل السكينة. تجلس لساعات طوال، في ليل بهيم، متفكرًا ناظرًا في الأرض والخيال رفيقك. تجدُ نفسُكَ الرغبة في فعل ما سوَّفتَه لأيام طوال، هكذا، ودون مقدمات.
صرت أنام في النهار و أستيقظ في الليل . مثل كل الكائنات الليلية المخيفة . أحب الليل لأنه هاديء وصامت , و دائما كان الصمت يغريني بقراءة كتبي البعيدة كل البعد عن تخصصي الدراسي , و الّذي , بالمناسبة , مازلت أحمله على كتفي كما كان سيزيف الملعون يحمل صخرته الكبيرة !
-مَحْفُوظ أبِي يَعْلاَ: الليل و الكتب !
يفتح الليل بهدوءه لمجال الروح السرمدي عبر أثير عوالم الكُتب. لا أدري ما العلّة التي تحيي الكُتب في الليل، لعله وقتُ نوم الأجساد، المادة، واستيقاظ الأرواح بلهفها للكلأ، القِراءة. هُروب من العالم المادي النهاري إلى العالم الروحي الليلي. انجلاء الليل في النهار، والنهار في الليل، آخر لقاء مع العالم المادي، بعدَ برود الشمس أقضيه في شرب الشاي المغربي. عادة إنجليزية متوافقة مع الطقوس المغربية. طقس مسائي أستقبل به الليل، وعالم الروح.
تغنت العرب بالليل، وذُكِر في الأشعار والآيات والقصائد فضله وغنيمته، أكتفي ببضع من الشمال إفريقي -المغربي- منها. فهاهم ناس الغيوان، في أغنيتهم "جودي برضاك (يامنة)"، يربطون حنان المرأة وزهرتها بنور القمر الذي يجلي الظلام البهيم:
جودي بالرضى، جودي لي ... ضوي يا القمرة
صبغي ظلام ليلي ... ببهاك يا العذرا
وفي موضِع آخر من أغنية "يا بني الإنسان"، إذ ترادف الراحة ضوء نور النجوم اللطيف:
وطلبت الليل يطول، راحتي في ضَيْ نْجُومُهْ، بغيت نبقى سهران.
ولنا في الموسيقى الأندلسية المغربية وقفة صغيرة، قُبَيلَ انجِلاء اللّيل:
أحْسَنْتَ يَا لَيْلُ فِي تَألُّفِنَا بِاللَّهِ يَا لَيْلُ طُلْ وَزِدْ وَزِدِحينئذٍ يحل نسيم الفجر. فأهلاً بالصبح!
أسَأتَ يَا صُبْحُ فِي تَفَرُّقِنَا بِاللَّهِ يَا صُبْحُ تُبْ وَلا تَعُدِ
2 تعليقات:
لليل شجون ... انه فعلا وقت خاص ، كثيرا ما يعاتبني ابي لسهري المتواصل و يقول انت قلبتم موازين الحياة، يقول ان الليل للنوم و ليس للشهر او القراءة ، لكني اعارضه بحجج غالبا ما تنتهي بانت مجنون بحق ...لكني لست كذلك ، على الأقل ليس بعد الآن .
تصبح على خير وكمل ليلتك :)
إرسال تعليق