الخميس، 19 أبريل 2012

رواية: حكومة الظل


لا تدري معالم القصة حين قراءتك لأولى صفحات رواية "حكومة الظل" للدكتور منذر القباني إذ ينتقل بك الكاتب من مشهد لمشهد، والفرق بينهما شاسع. فالأول عن سعودي يزور المغرب والثاني عن مصري في كندا، لتتلاحم الأحداث والمشاهد مع استرسال الوُريقات.

عادة القصص أنها تبدأ مملة وتنتهي بفائدة، غير أن هذه القصة، شدتني من بدايتها وما زلت لا أدري كيف ذلك، فمن جملة لجملة وبين تسارع الأحداث تحصل فائدة تجول بين الفلسفة والفكر والسياسة والتاريخ والحكمة تنساب بين الكلمات. يتناول الكاتب مختلف القضايا في بضع كلمات، بمزيج جميل. يتبادل الأدوار بين مختلف الشخصيات المتبيانة الطبائع والأفكار ليصل ليوضع لنا بعض من معالم اللغز، دون أن يكشف الغطاء عن كل شيء، تاركًا الفرصة للقارئ لإعمال عقله وحبك استنتاجاته.

أكثر ما شدني هوَ تناول الكاتب الجميل للقصة في سرده للأحداث في المغرب، وعدم إهماله لأدق التفاصيل التي تؤثت مشهد الديكور التقليدي المغربي.

مشهد من الرواية يتحدث عن بداية انهيار الدولة العثمانية (عماد الرواية)، مشبهًا إياها بدولة الأندلس إبان سقوطها:

____________
  بدأ خليل الوزان يتأمل جناحه الفاخر المكون من غرفة نوم وسيعة تكفي عائلة بكاملها، ملحقة بصالة استقبل ضعف حجم غرفة النوم، مفروشة بأجود أطقم الكنب الإيطالي والسجاد العجمي. استغرب خليل من هذا الترف الذي يكفي لسد حاجة جميع فقراء المدينة المنورة بل وقد يفيض منه لفقراء مكة أيضًا، ثم تنهد تنهيدة أسى على حال ديرته المليئة بالفقر والجوع وهو يرى رغد العيش في عاصمة الخلافة التي تحيا حياة لم يشهدها الحجاز منذ زمن بعيد. وتذكر في هذه اللحظة أبيات الشاعر أبو الطيب الرندي إبان سقوط مدن الأندلس الواحدة تلو الأخرى:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
                                        فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
                                        من سره زمن ساءته أزمان
ثم أخد يحادث نفسه كيف تبدل حال المسلمين ووصل بهم الحال إلى هذا التقهقر الملحوظ. فدول المغرب العربي أصبحت تحت السيطرة الفرنسية، ومصر تحت السيطرة البريطانية، روسيا قد مزقت أغلب ولايات وسط آسيا من الدولة العثمانية، كما أن الكثير من ولايات شرق أوروب كبولونبا واليونان وبلغاريا وغيرها التي جسلت أكثر من أربعة قرون جزءًا من العالم الإسلامي تحت دولة الخلافة العثمانية ها قد انتزعت هي الأخرى.
____________

زوج من الروابط نحو بضع من التدوينات حول نفس الرواية:
حوار أجرته جريدة الرياض مع كاتب الرواية، الدكتور منذر القباني:
لا أفسد عليكم قراءة القصة واكتشافها بأنفسكم، أنقل لكم اقتباس لعله يفتح لكم باب المعرفة:

هناك فئة من البشر تشكل الحقيقة لديهم حافزًا للبحث. هذه الفئة لا تريد التفسيرات السطحية أو الإجابات السريعة، بل تريد الغوض في ماهية الأمور. تشكل لديهم كلمة "لماذا؟" و "كيف؟" أسئلة تبحث عن جواب، [...].

0 تعليقات:

إرسال تعليق

نسيم الفجر ☁☁☁

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة